فتحاوي للأبد مشرف
عدد الرسائل : 135 العمر : 35 المزاج : عالي العال تاريخ التسجيل : 18/07/2008
| موضوع: ::|[ رســـــالة إلـــى الـــلـــه ]|:: قصة معبرة !! الأربعاء يوليو 30, 2008 1:22 am | |
| تقول إحدى الأمهات : استيقظت مبكراَ كعادتي .. بالرغم من أن اليوم هو يوم إجازتي .. صغيرتي ريم كذلك اعتادت على الاستيقاظ مبكراً .. كنت أجلس في مكتبي مشغولة بكتبي و أوراقي .. دخلت ابنتي ريم علي و قالت : ماما ماذا تكتبين ؟! فقلت : أكتب رسالة إلى الله .. قالت : هل تسمحين لي بقراءتها يا ماما ؟ فصرخت فيها : لا ، حبيبتي هذه رسائلي الخاصة و لا أحب أن يقرأها أحد ..
خرجت ريم من مكتبي و هي حزينة ، لكنها اعتادت على ذلك ، فرفضي لها كان باستمرار .. مر على هذا الموضوع عدة أسابيع .. فذهبت إلى غرفة ريم .. و لأول مرة !! فارتبكت ريم لدخولي .. و كانت تكتب .. يا ترى لماذا هي مرتبكة ؟! فسألتها : ريم .. ماذا تكتبين ؟ فازداد ارتباكها .. و ردت : لا شيء يا ماما .. إنها أوراقي الخاصة ..! فتساءلت ترى ما الذي تكتبه ابنة التاسعة و تخشى أن أراه ؟! فقالت ريم : أنا أكتب رسائل إلى الله .. فاستغربت منها و أحببت أن أقاطعها و لكنها سبقتني و سألتني : و لكن هل يتحقق كل ما نكتبه يا ماما ؟ طبعاً يا بنتي .. فإن الله يعلم كل شيء .. لم تسمح لي ريم بقراءة ما كتبت .. فخرجت من غرفتها و اتجهت إلى راشد زوجي كي أقرأ له الجرائد كالعادة .. و كنت أقرأ الجريدة و ذهني شارد مع صغيرتي .. فلاحظ راشد شرودي .. ظن بأنه هو سبب حزني .. فحاول إقناعي بأن أجلب له ممرضة كي تخفف عني هذا العبء .. يا إلهي ..! لم أرد أن يفكر هكذا .. فحضنت رأسه و قبلت جبينه الذي طالما تعب و عرق من أجلي أنا و ابنته ريم .. و اليوم يحسبني سأحزن من أجل ذلك .. و أوضحت له سبب حزني و شرودي ..
ذهبت ريم إلى المدرسة .. و عندما عادت كان الطبيب في البيت .. فهرعت لترى والدها المقعد و جلست بقربه تواسيه بمداعبتها و همساتها الحنونة .. و ضَّح لي الطبيب سوء حالة راشد و انصرف .. تناسيت أن ريم ما زالت طفلة .. و دون رحمة صارحتها أن الطبيب أكد لي أن قلب والدها الكبير الذي يحمل كل هذا الحب بدأ يضعف كثيراً .. و أنه لن يعيش لأكثر من ثلاثة أسابيع ..! فانهارت ريم و ظلت تبكي و تردد : لماذا يحصل كل هذا الشيء لبابا ؟ لماذا ؟ فقلت لها : ادعي له بالشفاء يا ريم .. يجب أن تتحلي بالشجاعة .. و لا تنسي رحمة الله .. فهو القادر على كل شي .. فأنت ابنته الكبيرة و الوحيدة .. فأنصتت ريم إلي و نست حزنها .. و داست على ألمها و تشجعت .. و قالت : لن يموت أبي ..!!
في كل صباح تقبِّل ريم خد والدها الدافئ .. و لكنها اليوم عندما قبلته .. نظرت إليه بحنان و توسل و قالت : ليتك توصلني يوماً إلى المدرسة مثل صديقاتي .. فغمر راشد حزن و ألم شديد فحاول إخفاءه .. و قال : إن شاء الله سيأتي هذا اليوم و أوصلك فيه يا ريم .. و هو واثق أن إعاقته لن تكمل فرحة ابنته الصغيرة .. فأوصلت ريم إلى المدرسة .. و عندما عدت إلى البيت .. غمرني فضول لأرى الرسائل التي تكتبها ريم إلى الله .. فبحثت في مكتبها و لم أجد أي شيء .. و بعد بحث طويل .. لا جدوى ..! ترى أين هي ..؟! ترى تمزقها بعد كتابتها ..؟! ربما يكون هنا في هذا الصندوق .. لطالما أحبت ريم هذا الصندوق ..فقد طلبته مني مراراً .. فأفرغت ما فيه و أعطيته إياها .. يا إلهي .. إنه يحوي رسائل كثيرة و كلها إلى الله .. "يا رب .. يا رب .. يموت كلب جارنا سعيد .. لأنه يخيفني" "يا رب .. يا رب .. قطتنا تلد قططاً كثيرة .. لتعوضها عن قططها التي ماتت" "يا رب .. يا رب .. ينجح أحمد ابن خالتي .. لأني أحبه" "يا رب .. يا رب .. تكبر أزهاري بسرعة .. لأقطف كل يوم زهرة و أعطيها لمعلمتي"
و الكثير من الرسائل الأخرى و كلها بريئة .. من أطرف الرسائل التي قرأتها هي التي تقول فيها : "يا رب .. يا رب .. كبِّر عقل خادمتنا .. لأنها أرهقت أمي" يا إلهي ..!! كل الرسائل مستجابة ..! لقد مات كلب جارنا سعيد منذ أكثر من أسبوع .. قطتنا أصبحت لديها صغار .. و نجح أحمد بتفوق .. كبرت الأزهار و ريم تأخذ كل يوم زهرة إلى معلمتها .. يا إلهي .. لماذا لم تقم ريم بالدعاء ليشفي والدها و يرتاح من عاهته ؟! شردت كثيراً .. ليتها تدعو له .. و لم يقطع هذا الشرود إلا رنين الهاتف المزعج .. ردت الخادمة و نادتني : سيدتي المدرسة .. المدرسة !! فهرعت إلى الهاتف : ما بها ريم ..؟ هل فعلت شيئاً ..؟! فأخبروني أن ريم وقعت من الدور الرابع و هي تطل من الشرفة .. و هي في طريقها إلى منزل معلمتها الغائبة لتعطيها الزهرة ..! وقعت الزهرة .. و وقعت معها ريم ..! كانت الصدمة قوية جداً لم أتحملها أنا و لا راشد .. و من شدة الصدمة أصابه شلل في لسانه فمن يومها لا يستطيع الكلام ..! لماذا ماتت ريم ..؟! لا أستطيع استيعاب فكرة وفاة ابنتي الحبيبة .. كنت أخدع نفسي بالذهاب كل يوم إلى المدرسة كأني أوصلها .. كنت أفعل كل شي صغيرتي كانت تحبه .. كل زاوية في البيت تذكرني بها .. أتذكر رنين ضحكاتها التي كانت تملأ علينا البيت بالحياة ..
و مرت السنين على وفاة ريم .. و كأنه اليوم ..! في صباح يوم الجمعة أتت إلي الخادمة و هي فزعة و تقول إنها سمعت صوتاً صادراً من غرفة ريم ..! يا إلهي .. هل يعقل أن ريم عادت ..! هذا جنون .. أنتِ تتخيلين .. لم تطأ قدم هذه الغرفة منذ أن ماتت ريم .. أصر راشد على أن أذهب و أرى ماذا هناك ..! وضعت المفتاح في الباب .. و انقبض قلبي .. ففتحت الباب و لم أتمالك نفسي .. جلست أبكي و أبكي .. و رميت نفسي على سريرها .. إنه يهتز ..! آه تذكرت .. فقد قالت لي ريم مراراً إنه يهتز و يصدر صوتاً عندما يتحرك .. و نسيت أن أجلب النجار كي يصلحه لها .. و لكن لا فائدة الآن ..! لكن ما الذي أصدر الصوت ..؟! نعم إنه صوت وقوع اللوحة التي زُينَت بآية الكرسي .. التي كانت تحرص ريم على قراءتها كل يوم حتى حفظتها .. و حين رفعتها كي أعلقها .. وجدت ورقة بحجم البرواز وُضِعت خلفه .. يا إلهي .. إنها إحدى الرسائل ..!! يا ترى ماذا مكتوب في هذه الرسالة بالذات ..؟! و لماذا وضعتها ريم خلف الآية الكريمة ..؟! إنها إحدى الرسائل التي كانت تكتبها ريم إلى الله ..! كان مكتوب فيها : " يــارب .. يـــارب .. أمـــوت أنـــا .. و يـــعـــيـــش بـــابـــا "
منقوووووووووووووووووووووول
| |
|